مقدم احمد
مقال نحو التحول الرقمي : إستراتيجيات الابتكار و تحديات المستقبل
أصبحت الرقمنة في الجزائر تمثل محورًا استراتيجيًا لتعزيز التنمية المستدامة وتطوير الاقتصاد الوطني فتعرف الرقمنة على أنها عملية تحويل البيانات والمعلومات إلى صيغ إلكترونية قابلة للمعالجة بواسطة التقنيات الحديثة، مما يُسهم في تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف في مختلف القطاعات، في الجزائر،وقد بذلت الدولة جهودًا حثيثة لتحقيق التحول الرقمي من خلال إطلاق عدة مشاريع تهدف إلى رقمنة الإدارة والخدمات العمومية، مثل السجل التجاري الإلكتروني والخدمات البنكية الرقمية و الإدارات العمومية و الخدماتية كما تسعى الحكومة إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك توسيع شبكة الإنترنت وتطوير أنظمة الاتصال، لتوفير بيئة مواتية للتحول الرقمي، تلعب الرقمنة دورًا أساسيًا في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، حيث تُسهِم في تقليص التعامل الورقي وتحسين سرعة ودقة الخدمات. كما تُعتبر وسيلة فعالة لدعم الابتكار وريادة الأعمال، خاصة مع نمو القطاعات التقنية مثل التجارة الإلكترونية.و تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي ومع ذلك، تواجه الجزائر تحديات عديدة، منها ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق ونقص الكفاءات المتخصصة و للتغلب على هذه العقبات، تتطلب العملية استثمارات مستدامة وإصلاحات هيكلية لذلك تُعد الرقمنة فرصة واعدة للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التحول الاجتماعي في البلاد.
و كغيره
من مؤسسات الدولة بقطاع التعليم العالي بالمركز الجامعي البيض ينتهز المركز تلك الفرصة
الواعدة لتحسين جودة التعليم وخلق تلك
النقلة النوعية التى تعطيه مكانة رفيعة في مصاف الجامعات الوطنية و لما لا
الجامعات الدولية من خلال مرئية التعليم ولكنه بالمقابل يواجه تحديات معقدة تتطلب حلولًا دقيقة وفعّالة.
فمن الواضح أن هذا التحول لا يقتصر على مجرد إدخال التكنولوجيا في العملية
التعليمية، بل هو عملية شاملة تتطلب تهيئة بنية تحتية قوية، تطوير قدرات الكوادر
الأكاديمية، وتعزيز وعي الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بأهمية الرقمنة و ضرورة التوجه
نحو اعتمادها كخيار حقيقي بصفة جدية ولتحقيق هذا التحول بنجاح يجب معالجة المشكلات
الحالية بالاستفادة من تجارب مماثلة من مؤسسات تعليمية دولية.
أحد
أبرز التحديات التي يواجهها المركز هو ضعف البنية التحتية التكنولوجية، حيث تعاني
بعض المرافق من بطء في خدمات الإنترنت أو نقص في الأجهزة الحديثة ما يؤثر على سير
العملية التعليمية الرقمية في هذا السياق يمكن النظر إلى تجربة جامعة تارتو في إستونيا، التي نجحت في توفير اتصال إنترنت عالي
السرعة من خلال شراكات مع شركات اتصالات محلية. يمكن تطبيق نموذج مماثل في المركز
الجامعي البيض عبر عقد اتفاقيات تعاون مع شركات الاتصالات لتحسين جودة الشبكات ليس
فقط داخل الحرم الجامعي بل أيضًا لضمان توفير خدمات الإنترنت للطلاب في المناطق
التي تعاني من ضعف التغطية. كما يمكن إطلاق مبادرات لتوفير أجهزة حواسيب محمولة أو
لوحية للطلاب المحتاجين مستوحاة من تجربة بعض الجامعات الماليزية التي وزعت
الأجهزة على الطلاب ضمن برامج مدعومة من القطاعين العام والخاص.
من
جهة أخرى يمثل نقص الخبرة الرقمية لدى بعض أعضاء هيئة التدريس تحديًا كبيرًا حيث
اعتاد الكثير منهم على أساليب التدريس التقليدية ويواجهون صعوبة في التكيف مع
الأدوات الرقمية الحديثة، لحل هذه المشكلة ينبغي التركيز على تطوير برامج تدريبية
مكثفة تشمل الجانب التطبيقي مثل تجربة جامعة هارفارد التي نظمت دورات تدريبية عبر
الإنترنت مخصصة لأعضاء هيئة التدريس تتضمن محاكاة عملية للتدريس الرقمي يمكن
للمركز تبني برنامج مماثل مع تقديم شهادات معتمدة تشجع الأساتذة على المشاركة
الفعّالة، إضافة إلى ذلك يمكن إنشاء منصة تدريبية داخلية توفر محتوى تعليميًا
مستمرًا ما يسهل على الكوادر الأكاديمية تطوير مهاراتهم الرقمية بشكل تدريجي.
وفيما
يتعلق بتفاعل الطلاب مع التعليم الإلكتروني يظهر أن البعض يفضل الطرق التقليدية
بسبب ضعف مهاراتهم التقنية أو نقص الأجهزة المتاحة لديهم. هنا تبرز الحاجة إلى
تطبيق أساليب تعليمية تفاعلية تجعل التجربة الرقمية أكثر جاذبية على سبيل المثال،
اعتمدت جامعة موناش الأسترالية على دمج تقنيات
الألعاب التعليمية (Gamification)
في المناهج مما أدى إلى زيادة مشاركة
الطلاب، يمكن للمركز الاستفادة من هذه
التجربة من خلال تطوير منصات تعليمية تفاعلية تحفّز الطلاب على المشاركة، إلى جانب
تفعيل دور المرشد الأكاديمي الرقمي الذي يقدم دعمًا فرديًا للطلاب ما يعزز من
تفاعلهم مع المحتوى الرقمي.
التحديات
الإدارية أيضًا تمثل عقبة، حيث تتسم بعض الأنظمة الحالية بالتعقيد وعدم التكامل،
يمكن مواجهة ذلك من خلال تبني نظام إدارة رقمي موحد يدمج جميع العمليات الأكاديمية
والإدارية، كما فعلت جامعة أوتونوما في إسبانيا،
أدى تطبيق نظام رقمي موحد في هذه الجامعة إلى تحسين كفاءة الأداء وتبسيط العمليات،
يمكن للمركز تنفيذ مشروع مشابه بالتعاون مع مطوّري برمجيات محليين لضمان التحديث
المستمر والدعم الفني المناسب.
التحدي
الثقافي يشكل عنصرًا آخر يجب معالجته، حيث يعاني بعض أعضاء هيئة التدريس والطلاب
من صعوبة تقبل التغيير لتعزيز الوعي بأهمية التحول الرقمي، من الضروري تنظيم حملات
للتوعية وورش عمل تُبرز فوائد التكنولوجيا. في جامعة كيب
تاون بجنوب إفريقيا، أظهرت ندوات توعوية، شارك فيها أساتذة وطلاب كيف ساهم
التعليم الرقمي في تحسين الأداء الأكاديمي ما أدى إلى تغيير جذري في النظرة للتعليم
الإلكتروني، يمكن تطبيق نهج مماثل في
المركز مع تنظيم ندوات يحضرها خبراء تكنولوجيون يوضحون بشكل عملي تأثير الرقمنة في
تحسين التعليم.
من
جانب آخر، جودة المحتوى الرقمي تعد عاملًا أساسيًا في نجاح عملية التحول، كثيرًا
ما تكون المواد المتوفرة غير محدثة أو تفتقر للتنوع ما يقلل من فعاليتها، تجربة جامعة سنغافورة الوطنية في إنشاء مركز متخصص
لإنتاج المحتوى الرقمي تُعد نموذجًا ناجحًا، قد يكون من المفيد للمركز الجامعي البيض إنشاء
فريق دعم رقمي يساعد الأساتذة في تصميم مواد تعليمية حديثة وتفاعلية.
كما أن مساهمة المؤتمرات في الرقمنة والمرئية في
نجاح مشروع الرقمنة تلعب دورا بارزا، حيث أصبح التحول الرقمي جزءًا لا يتجزأ من
استراتيجيات التطوير في المؤسسات التعليمية والبحثية، في هذا السياق تساهم المؤتمرات بأنواعها
المختلفة في تسريع هذا التحول خصوصًا من خلال تعزيز المرئية والرقمنة للمؤسسات
الأكاديمية والمراكز الجامعية. فنجاح مشروع الرقمنة يعتمد بشكل كبير على الاستفادة
من المؤتمرات الرقمية، حيث تتيح فرصة عرض
الأبحاث والابتكارات في بيئة رقمية، مما يساهم في تعزيز التفاعل العلمي والثقافي،
إن تنظيم المؤتمرات الرقمية يساهم في نشر المعرفة بشكل واسع وسريع، ويتيح للمؤسسات
الأكاديمية التواصل مع جمهور عالمي من خلال البث المرئي أو تنظيم جلسات عبر
الإنترنت، يمكن للمركز الجامعي أو المؤسسة التعليمية عرض مشاريعها وأبحاثها على
منصات واسعة، مما يعزز من مرئيته في البيئة الرقمية. إن استخدام منصات الاجتماعات
المرئية مثل "زوم" و"مايكروسوفت تيمز" وغيرها من التطبيقات
الرقمية قد جعل من الممكن توسيع نطاق المشاركة وتسهيل التواصل بين الخبراء
والباحثين من مختلف أنحاء العالم، وهو ما يزيد من تأثير المركز الجامعي على مستوى
عالمي ويعزز من سمعة المؤسسة في مجالها الأكاديمي كما تسهم المؤتمرات الرقمية في
تسريع تحول المؤسسات الأكاديمية نحو بيئة رقمية بالكامل. من خلال استخدام التقنيات
الحديثة في تنظيم المؤتمرات، يمكن للمركز الجامعي الاستفادة من المزايا الرقمية
مثل التسجيلات التفاعلية والبث المباشر وتوثيق الجلسات العلمية، هذا يساهم في بناء
أرشيف رقمي شامل للأبحاث والعروض التقديمية، ويتيح للطلاب والباحثين الوصول إلى
هذه المواد بسهولة، مما يعزز عملية التعلم والتعليم في بيئة رقمية. وبالتالي، يصبح
المشروع الرقمي أكثر نجاحًا حيث يتمكن المركز الجامعي من توفير موارد أكاديمية
مرنة ومتجددة للطلاب والباحثين على مدار الساعة، وتساهم المؤتمرات الرقمية في
تحقيق أهداف المشروع الرقمي من خلال تمكين التواصل بين المتخصصين في مختلف
المجالات وعندما يتم تنظيم مؤتمرات دولية أو محلية عبر الإنترنت يتم خلق فرص للتعاون بين الجامعات والمؤسسات
البحثية وتبادل الأفكار والأبحاث، مما يعزز الابتكار العلمي والتكنولوجي، كما أن
المؤتمرات المرئية تتيح التفاعل المباشر بين المشاركين عبر منصات الدردشة
والمنتديات الإلكترونية، مما يسهم في بناء مجتمع علمي رقمي متكامل، فالمؤتمرات الرقمية والمرئية تسهم بشكل كبير في نجاح مشروع الرقمنة في المؤسسات
الأكاديمية. فهي لا تعزز من مرئية المركز الجامعي فحسب بل تسهم في نشر ثقافة
الرقمنة مما يضمن تحقيق أهداف التحول الرقمي ويؤسس لمستقبل أكاديمي يعتمد على
التقنيات الحديثة.
نجاح
مشروع الرقمنة في المركز الجامعي نور البشير البيض يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق
التميز الأكاديمي والتعليمي ويعكس رؤية عصرية تواكب التطورات التكنولوجية
العالمية. لتحقيق هذا الهدف، يجب العمل على إستراتيجية شاملة تضمن تطوير البنية
التحتية الرقمية، وتعزيز الكفاءة التقنية، وضمان التكامل بين مختلف الأطراف
المعنية، أولى الخطوات تتمثل في تهيئة البنية التحتية
التكنولوجية عبر توفير إنترنت عالي السرعة وأجهزة متطورة في القاعات والمكاتب
الإدارية، مما يسهم في تسهيل العمليات الرقمية وتعزيز التفاعل الإلكتروني بين
الأساتذة والطلاب، كما أن تطوير منصات
تعليمية متكاملة يتيح بيئة تعلم افتراضية غنية بالموارد التعليمية والتفاعلية تسهم
في تحسين جودة العملية التعليمية وتيسير الوصول إلى المعلومات، لا يمكن تحقيق الرقمنة دون تدريب وتأهيل الطواقم
الإدارية والتعليمية، وهو ما يضمن الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا من خلال ورش العمل
والدورات التدريبية، يصبح أعضاء هيئة التدريس والموظفون قادرين على استخدام
الأنظمة الرقمية بكفاءة، مما يسهم في تحسين الأداء الأكاديمي والإداري، كما أن
رقمنة الأرشيف الإداري بما يشمل تحويل الوثائق الورقية إلى نسخ إلكترونية، يعزز
الكفاءة ويوفر الوقت. الأمن السيبراني يمثل أحد
أهم الجوانب التي يجب التركيز عليها لضمان نجاح الرقمنة. فحماية البيانات الخاصة
بالطلاب والموظفين من أي تهديدات إلكترونية يعزز الثقة في النظام الرقمي. بالإضافة
إلى ذلك، يعتبر إشراك الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في هذا المشروع من خلال تحفيزهم
واستخدام التغذية الراجعة لتطوير المنصات خطوة محورية لضمان تبني التكنولوجيا بشكل
فعال وأخيرًا، لا يمكن إغفال
أهمية التقييم المستمر والتعاون مع الجهات المعنية لضمان استدامة المشروع. يمكن
للمركز التعاون مع جامعات ومؤسسات متخصصة للحصول على الخبرات والدعم المالي
والتقني المطلوب، كما أن إجراء استبيانات دورية لمستخدمي المنصات الرقمية يساعد في
تحسين الأنظمة وتطويرها بما يتناسب مع احتياجات الجميع باختصار، الرقمنة ليست
مجرد خيار بل ضرورة حتمية لمواكبة تطورات العصر، وتحقيق نقلة نوعية في التعليم
والإدارة، نجاح هذا المشروع يعتمد على التخطيط المحكم والتنفيذ المتقن، مما يفتح
آفاقًا جديدة للمركز الجامعي نور البشير البيض.
فالتحول
الرقمي في التعليم العالي يتطلب رؤية شاملة تجمع بين تطوير البنية التحتية، تعزيز
القدرات البشرية، وتغيير الثقافة المؤسسية. هذه العملية ليست مجرد خطوة تقنية، بل
هي استثمار في مستقبل التعليم .المركز الجامعي البيض أمامه فرصة تاريخية لتأسيس
نظام تعليمي رقمي متكامل، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التميز الأكاديمي كما
حقق نتائج باهرة على مستوى العديد من مسابقات الدكتوراه وطنيا و براءات
الاختراع و لا يزال يحقق نتائج كبيرة في
هذا المجال .
و
في هذا الصدد قام المركز الجامعي بالبيض بتنظيم مسابقة وطنية حول البرمجيات و
الذكاء الاصطناعي يومي 10-11 و12 ديسمبر 2024 بالمكتبة الرئيسية ، و هذا دليل على
مواكبة المركز الجامعي نور البشير البيض للتحول الرقمي .
فالتحول الرقمي يعد من أهم العوامل التي تؤثر في نمو العمال و الشركات في العصر الحالي ن حيث لا نعتبره مجرد خيار بل أصبح حتمية في عصرنا الحالي ، حيث تتسارع وتيرة التغيرات التكنولوجية بشكل غير مسبوق ، فالتكنولوجيا تفتح أمام الشركات أبوابا جديدة للابتكار و النمو، و لكنها في الوقت نفسه تضع أمامها تحديات كبيرة تتطلب إستراتيجيات مدروسة للتعامل معها بفعالية .
مقال بجريدة الخبر الجزائرية بتاريخ 4 جانفي 2025 العدد 11045
بارك الله فيك أستاذ. أرغب في التواصل معك جزاك الله خيرا (0657777887)
ردحذف