سيدي عبد الجبار الفجيجي



       هو  عبد الجبار بن أحمد بن موسى البرزوزي بن محمد، بن أبي بكر بن سليمان بن الحسن بن عبد الله بن علي بن مناصر بن عيسى بن عبد الرحمان (الشريف التدغيري) بن يعلا بن عبد العلي بن أحمد بن محمد بن ادريس الأصغر بن ادريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن الصبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت سيدنا محمد صل الله عليه وآله وصحبه وسلم.
         و الإمام عبد الجبار بن أحمد بن موسى البرزوزي  الفجيجي، ولد على الأرجح بين (810 و820 ه) كما بينه الباحث بنعلي محمد بوزيان في مقاله حول عبد الجبار الفكيكي بمجلة دعوة الحق (انظر لائحة المراجع)؛ يقول الأستاذ بوزيان "فإذا علمنا أن ابن مرزوق الحفيد المتوفى عام (842 ه) أجازه بتلمسان قبل هذا التاريخ بقليل أو كثير، وإذا علمنا أن العلامة الشهير "أبو عبد الله محمد ابن الحسين بن محمد بن حمامة الأوْرَبي النيجي" المتوفى عام (887 ه) أجازه بفاس في الأربعينات من القرن التاسع، وإذا علمنا أيضا أن العالم "إبراهيم التازي اللنشي" أجازه بوهران سنة (865 ه) أي قبل وفاته بنحو عام، وإذا علمنا آخر الأمر أنه أجاز تلميذه "البلوي الوادي أشي" سنة (895 ه) بتلمسان فدل ذلك على تألق متأخر في مجال التدريس(..)، إذا وضعنا كل هذا في الحسبان واعتبرناه، فرضنا أن يتراوح عمره في مرحلة التتلمذ بتلمسان بين عشرين وثلاثين عاما، وبالتالي جاز لنا أن نحصر ولادته في الخط الزمني الممتد من (810 ه إلى 820 ه)، ومن ثم تقارب ما رواه أحفاده، ولا أخالهم إلا من الصادقين..

  • مسيرته العلمية:

 من ذرية الشيخ عبد الرحمن الورتدغيري الإدريسي ، وُلِد حوالي عام 820 هـ / وتلقى علومه الأولى على يد والده الولي الصالح والكوكب الدري اللامع الشيخ أحمد بن موسى.. وجدناه في مِرّة شبابه بمدينة فاس ، قبلة العلم وكعبة القُصّاد يطوف على حلقات نخبة من العلماء الأجلة ، أجازوه في علوم القرآن والحديث والفقه ، ومن جملة شيوخه هناك: أبو عبد الله محمد بن يوسف العبدري الغرناطي المعروف بالمواق ( ت 894 هـ )، ومحمد بن الحسين بن محمد بن جماعة الأوربي النيجي، شهر بالصغير ( ت 887 هـ ) وعبد الرحمن القرموني ( ت 864 هـ ) ، وأحمد الحباك ( ت 870 هـ ) ، ومحمد بن القاسم القوري ( ت 872 هـ ) وسواهم كثير .. وفي تلمسان جلس إلى حلقات أبي الفضل قاسم بن سعيد العقباني( ت 854 هـ ) وأخيه إبراهيم ( ت 880 هـ ) والشيخ محمد بن عبد الجليل التنسي ( 898 هـ ) ، و محمد بن أحمد بن أبي يحي التلمساني الشهير بالحباك ( ت 867 هـ ).. وفي تلمسان تلقى عن العالم الرباني الشيخ إبراهيم التازي المتوفى عام 864 هـ ، وأجازه قائلا :

" ناولت الفقيه الصالح المذكور - نفع الله به - صحيح البخاري، والشفا لعياض، مناولة مقرونة بالإجازة. وأجزت له صحيح مسلم، وكل ما يجوز لي وعني روايته بشرطه. قال ذلك، وكتبه بيده إبراهيم بن محمد التازي - كفاه الله هم الدنيا وعذاب الآخرة- في أواخر شوال عام خمسة وستين وثماني مائة، حامدا الله، ومصليا ومسلما على سيدنا محمد وآله وصحبه"..

ولا نعرف من شيوخه ببجاية إلا محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد المشذالي المتوفى عام (866 هـ) .. وتتلمذ في تونس على يد العلاّمة الرحلة علي بن محمد بن علي القرشي البسطي الشهير بالقلصادي ( ت 891 هـ ) . وفي طرابلس على أبي العباس  أحمد بن عبد الرحمان بن موسى بن عبد الحق اليزليتني، عرف بحلولو( ت 898 هـ ) وكذا أبي عبد الله محمد بن عطية بن فاضل الغرابلي الطرابلسي.. ومن أساتذة تاجوراء نذكر أبا عبد الله محمداً الأندلسي، ذكر ذلك في تفسيره فقال :

"ومثله فيما أوصاني به الولي الصالح أبو عبد الله محمد الأندلسي بتاجورا من عمالة طرابلس حين مررت به هناك عام تسعة وستين وثمان مائة فأنشدني :

جعلت كلام الله لي بضاعــة          فكيف أخاف فقرا أو إضاعة

وجعلت القناعة رأس مالــي         وأي شيء أعز من القناعـة؟!

        وله في مصر شيوخ عديدون نضرب منهم إلى العلاّمة تقي الدين الشمني ( ت 872 هـ ) ، وأبي الوفاء التونسي المتوفى عام 881 هـ

  • تلامذته :

   تخرج على يديه الكريمتيْن نخبة من نبهاء الأحلام ، في طليعتهم أبناؤه الثلاثة أحمد وإبراهيم ومَحمد ، وأشهرهم على الإطلاق أحمد بن علي بن أحمد بن داود البلوي الوادي آشي، الذي ارتحل مع أبيه وإخوته من غرناطة بعد عام(893 هـ) ، فلقيه بمدينة تلمسان التي كانت آهلة بالعلماء، وقد أثنى كثيراً على علمه ، وخلّد بعض إجازاته في فهرسته المعروفة بالثبت، ولا حاجة إلى إعادتها هنا ..

  • شخصيته وأخلاقه:

 كان الإمام عبد الجبار غزير العلم ، رضي السلوك، مستمسكا بالسنة، تقلد القضاء فكان في أحكامه عادلا نزيها، لا تأخذه في الحق لومة لائم، يسر المظلوم ويرضي الظالم، وإلى هذه الصفة أشار ولده محمد في رثائه قائلا :

   غـرائـب عـلـم ثـم حـلـم وحـكـمـة       حواها ولو سارت بها العيس كلّتِ

   يسرك مظلوما ويرضيك ظالمـــا       كـريـم إذا لاقـيـتـــه بـالــمـــــــودة

ونعته شيخه الأوْرَبي النيجي بالحافظ اللافظ المجتهد المبارك الخير. ونقرأ في ثبت تلميذه الوادي آشي هذه الصفات المعْجِبة : " سيدنا وشيخنا وبركتنا ومفيدنا، الإمام الأستاذ، المفيد، المقرئ، العلامة المحقق، الجليل الراوية، المرشد الناصح، المتبرك به، الخطيب القدوة، الحجة، الحاج، الصدر الجليل، العالم الصالح، العارف المجيد، المجدد، الرحال.." ووصفه القادري  في الإعلام بمن غبر ( ص 352 ) " الفقيه المحدث، الإمام الكبير الحافظ  الأثير القاضي "

  • أعماله:

 على الرغم من ازدحام وقت الإمام عبد الجبار بالقضاء والتدريس والفتوى والرحلة، فإنه ترك وراءه ذخيرة علمية وصل إلينا بعضها واختفى الآخر في زوايا الإهمال ، ومن مؤلفاته :   


  •      تفسير القرآن الكريم : اختصر فيه تفسير الإمام القرطبي المتوفى 671 هـ ، وهوالمشهور بالجامع لأحكام القرآن ، واستدرك عليه في أماكن كثيرة مما جعله من أهم التفاسير التي ألفت في عصره كما شهد له بعض المحققين من العلماء.
  •    مختصر حياة الحيوان : فرغ من تأليفه عام 894 هـ ،اختصر فيه كتاب حياة الحيوان للدميري المصري المتوفى عام 808 هـ ، وقد حققه الأستاذ الكريم بناصر جباري مؤخراً


  •   أضف إليهما الفهرست ومجموع الفتاوى ، وهما الآن في حكم المفقود  إلا نقولاً هنا وهناك، كما له بعض الشعر ، منها قصيدة في المديح الديني  ومطلعها :

لقد عاد عيدك باليسر أحمـــــد        بيمن وبشر وبالسعد الأسعــــــــد

بطه البشير النذير الشفيـــــع        بيسن مذمـذ سميت يا أحمــــــــد

  • وفاتـــه - رحمــه الله -

لم يقع تحت أيدينا شيء نثبت به كيف كان الإمام عبد الجبار يعيش نهايات عمره الطويل؟ وكيف مات؟ إلا أن الظاهر من خلال بعض الإشارات أن عطاءه العلمي لم ينقطع، وأن آخر  رحلاته خارج فجيج كانت إلى تلمسان عام ( 895 هـ)، وأن أكثر كتبه ذيوعا ألفه في مراحل متقدمة من حياته .. وكل ما نعلمه أنه توفي عام (918هـ) عن عمر يناهز المائة عام، ودفن خلف مسجده الجامع  حيث كان يتصدر للإقراء ، وقبره هناك تحت قبة جنائزية شامخة بيضاء تشكل ملامح ضريحه الذي لا يزال الناس يزورونه تبركا ورحمة.


منقول 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إستيتن